قد تختلف طبيعة البشر في البنية الفكرية والعاطفية، ولكل منهم شخصيته وصفاته التي تميزه عن الأخرين، ولولا الاختلاف بين أبناء البشر، لما حدث الإبداع والتطور.
كما أن نظرة الإنسان للحياة هي الأخرى تتغير بعد فترة من الزمن، لم نعد كما كنا ولم نبقى أين كنا، ولكن أثناء إلتقاءنا بصديق أو قريب لم تلمحه الأنظار منذ مدة يأتي سؤاله إلينا : "لقد تغيرت كثيرا..."، هذا السؤال لابد منه عند أول لقاء يجمعنا به بعد مدة من الزمن.
الجواب الذي يردده أغلبيتنا: "لا لم أتغير..."، ربما لم نلتقي منذ مدة لذلك لاحظت بعض التغيرات التي لم ألمحها أنا في نفسي، وبالرغم من درايتنا أحيانا بأننا قد تغيرنا بإرادتنا ونحن من حرصنا هذا التغيير الذي يلامسه الأخرين فينا اليوم، إلا أننا مع ذلك نفضل نفيه على إجابةٍ تظهر لهم بأننا حقا " لم نعد كما كنا سابقا.."
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل يتغير الإنسان حقا؟ وهل للعلم تفسير ورأيٌ في ذلك..؟
بعض العلماء القدامى أفادوا مادام دماغ الفرد لا يكبر، فالإنسان لا يتغير كليا، يمكن أن يتطور تدريجيا، ويمكن أن يتدارك بعض من أخطائه و ثغراته، ولكن التغيير الكلي لا وجود لتفسير منطقي له.
وقد كان لعلم النفس تفسير لدافع الإنسان لتغيير من ذاته، ذُكر بأن الفرد يتغير لسببين إذا تعلم أكثر مما يريد أو حينما يتأذى أكثر مما يستحق، ويطلقون علماء النفس على التغيير الذي يطرأ على شخصية الفرد بمفهوم "بلوغ الشخصية طور النضج"، وكلما تقدمنا في العمر كلما تغيرت شخصياتنا وأصبحنا أكثر ثقة في أنفسنا.
لذلك التغيير الحقيقي في الشخصية نابع من الذات، وبالرغم من أن الإنسان قد يتغير تلقائيا عاما بعد عام بدون تخطيط منه ولكن بدرجات متفاوتة، مقارنة إذا أراد الشخص أن يطور من نفسه ويطمح لوجود أفضل نسخةٍ من ذاته للعام المقبل.
لكن اليوم، مسألة التغيير تلطخت بجميع الفئات المجتمعية، الكل يريد أن يغير من نفسه، ولكن ليصبح مثل الشخص الذي يتابعه يوما عبرالعالم الإفتراضي ، وليس من اجل أن يرى نفسه مميزا، يتم مقارنة الذات بالغير وبذلك يكون الدافع لتغييربفضل الأخر وليس بالإرادة النابعة من الذات، وبعدما كان التقليد سمة نلمحها في المظاهر المادية المأكل والملبس، المصيبة اليوم عندما توغل التقليد في علاقاتنا الإجتماعية والشخصية، وإنطلاقا ما رأيناه نحن من الغير ومن قام به إتجاهنا نرسم علاقاتنا به ...إذا لم يتصل أحد من أفراد عائلتنا ..لن نتصل به...إذا لم يلبي دعوتنا لإستضافته ....لن نلبي دعوته في المرة القادمة.
هذه الخيبة الحقيقية هو أن تفقد الشعور بذاتك...أن تجعل الأخر يلعب دورك ...يعيش حياتك و يقرر مكانتك في التغيير و ماذا تفعله أنت... سوى تقليده والتنفيذ، والتغيير الحقيقي لا يكون إلا إذا كانت خطواتك الأولى لتحسين بدافعٍ منك وحب لذاتك وتقبلك لجميع الثغرات الموجودة فيك.