بدايةً وقبل كلّ شيء أشكر الحبيبة عفيفة على دعوتها لي لأكتب في مدونتها، كعادتها صاحبة المبادرات اللطيفة وهذا المقال بمثابة شكر وعرفان للطفها الذي غمرتني به منذ عرفتها، شكرًا من القلب عفيفة.
حسنًا، بعد هذه المقدمة لنعد لموضوع المقال الذي كُتب بمناسبة اليوم العالمي للطفولة الذي أكتب عنه للمرة الأولى، حين دعتني عفيفة للكتابة قلت لها سأفكر في موضوع مناسب، فقالت لي عيد الطفولة على الأبواب.
لكن مهلًا ماذا سأكتب عن عيد الطفولة، لو كان لي أطفال كنت سأكتب عنهم… ثم خطرت لي فكرة أن أكتب عني، نعم عن طفلي الداخلي، لا تستغرب كلنا نحمل في أعماقنا طفلًا صغيرًا لن يكبر أبدًا.
من هو الطفل الداخلي Inner child؟
كل ما نراه اليوم في حياتنا هو نتيجة لما عشناه في طفولتنا، الحب الذي استقبلناه والذي حُرمناه… الخوف الذي عشناه والفرحة التي أُحطنا بها كل شيء وكل لحظة كان لها تأثير على حياتنا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
الطفل الداخلي كما يُعرّفه فرويد كما جاء في كتاب أنقظوا الطفل بداخلكم على أنّه الجزء الطفولي منا، يعرّف أيضًا أنّه حقيقتنا المخبّئة في جزء ما منا.
جاءت مساهمات أخرى فيما يخصّ هذا المفهوم من أطباء نفس آخرين أمثال:أريكسون وميلاني كلاين وهارتمان، باختصار الطفل الداخلي هو كل ما حملناه من طفولتنا، لكن يختلف ذلك من شخص لآخر فنحن لم نعش نفس الطفولة، وجراحنا متفاوتة وبالتالي تأثير تلك الجراح علينا متفاوت.
علامات جراح الطفل الداخلي
- أن تربط قيمتك بنجاحك وإنتاجيتك، وإن لم تكن الأفضل ترى نفسك الأسوء
- تتجنّب الصراعات، وتختار الأمور الأكثر أريحية
- ترضي النّاس بشكل مبالغ فيه، وتولي شأنًا أكبر لكلامهم عنك وآرائهم حولك.
- لديك مشكلة في صنع حدود صحية في علاقاتك مع الآخرين
- لا تجيد قول كلمة "لا" لكل ما يزعجك ويؤذيك ويُهدر وقتك.
- تتفاعل بقوة مع النقد، تغضب وتنفجر من أبسط المواقف…
هذه بعض العلامات باختصار إن كنت تلاحظ واحدة منها في شخصيتك فأنت على الأغلب تحمل جراحًا من طفولتك، ولنكن صادقين يا عزيزي أغلبنا نحمل مثل هذه العلامات، أو حتى علامات أخرى… لكن من الأفضل أن نعترف أمام أنفسنا ونسعى لتصحيح وإصلاح ما يمكن إصلاحه، لنصنع لأنفسنا الحياة التي نستحقّ.
بعد أن حددنا العلامات لنأتي الآن إلى العلاج، وهو أبسط مما تتخيّل فلا تنجرف مع التعقيدات التي ينشرها البعض هنا وهناك، ويجعلونك تشعر أنّ حياتك قد تدمّرت وأنك لن تنجو إن لم تشترك في إحدى الدورات، أو أن تأخذ استشارة من فرويد نفسه لا يا عزيزي بل الإنسان لديه القدرة الكافية لإصلاح كل شيء بعون خالقه، وفيمايلي عادات بسيطة لتساعد نفسك لتتجاوز ذكريات طفولتك المؤلمة وتصنع لنفسك دنيا من البراءة والفرح.
11 طريقة للتواصل مع طفلك الداخلي واحتضانه
افتعل الفوضى
تحمست صحيح؟ أغلبنا نحب أن نعيش الفوضى والصخب والضحك بصوت مرتفع… لأنه تمّ قمع أصواتنا بكل وحشية وحتى عندما كبرنا أصبحنا نقمع أنفسنا بذات الطريقة ويمكنكم ملاحظة ذلك في الأطفال من حولكم… اجعل لنفسك وقتًا دون قيود اصرخ واضحك بأعلى صوتك او حتى ابق في سريرك غير المرتب واستمتع بالفوضى لبعض الوقت.
افعل أشياء سخيفة
نعم سخيفة كأن تأكل المثلجات بنهم وتلطّخ ثيابك، أن تجلس على الأرض دون أن تحاكم نفسك على البقع، أن تأكل بيدك… أن ترقص على أغنية بشكل سخيف ومضحك، افعلها سيكون الأمر رائعًا ثق بي.
تحدث عن حقيقتك
تحدّث عن اخطائك المضحكة بصدق وشفافية ولا تأبه بأحد، أعرف شخصًا يفعل ذلك وأنا أحترمه جدًا فلا تخف من محاكمة الآخرين لك، أنّه الأستاذ طارق الموصللي كثيرًا ما جعلتني تدويناته أكثر شجاعة
اخرج للمشي في الطبيعة
المشي عادة الكُتاب والفلاسفة والأشخاص الرائعين الذين يقدّرون أنفسهم، في هذه الفسحة ستكون لوحدك وسيكون الطفل بداخلك سعيدًا بحركة الشجر والنسيم وصوت العصافير، أنت تستحقّ ذلك فلا تحرم نفسك، اخرج لوحدك وبين الحين والآخر قم بدعوة من تحبّ
اكتب لنفسك رسالة
أكتب رسالة لنفسك في عمر صغير، كما فعلت أنا كتبت رسائل لنفسي من عمر الستة حتى … لن اخبرك، فالنساء يكرهن التصريح بأعمارهنّ، غير صحيح كتبت لغاية 26 سنة كان ذلك قبل 36 شهر وها أنا أخبرتك بعمري.
وما زلت أكتب لنفسي رسائل تصلني على بريدي الإلكتروني من خلال موقع Future me، جرّب ذلك ولن تندم
اقض وقتًا مع الأطفال
العب مع أطفالك، أو أطفال العائلة أو الجيران أو زر دور الأيتام، هناك ستجد الكثير من الأطفال المحرومين ولك الأجر العظيم على كل مسحة من يدك على رؤوسهم، تطوّع في إحدى جمعيات العناية بالأطفال… هناك الكثير من الخيارات الرائعة.
اقرأ قصص الأطفال
عد لمجموعة القصص التي قرأتها وأنت طفل، ببساطة اقرأ لأي طفل موجود حولك واستمتع معه بحكايا ديزني والأميرات، وهايدي… لديّ اقتراح أفضل، اقترب لأخبرك شاهد أفلام الأنمي وكرتون طفولتك المفضل، واستمع لشارات رشا رزق الرائعة، أنا أعشق شارة القط الأسود أسمعها دائمًا
جرّب الرسم واللعب بالعجين
نعم لا تستغرب أرسم أي شيء، ولونه مهما كان رسمك سيئا وامدح نفسك، لا تحب الرسم؟ جرّب أي حرفة أخرى تُشعرُك بالسعادة وكنت تمارسها في طفولتك.
اضحك من قلبك
يمكنك الجلوس مع أصدقائك والضحك على مواقف من مراهقتكم، أعد سرد قصصك السخيفة واضحك من أعماقك… أو شاهد فيديوهات مضحكة كما تشاء، اختر ما يناسبك الهدف هنا أن تضحك.
جرّب التدوين
لا تقاطعني مثل إعلانات يوتيوب المزعجة، لا أقول لك كن الرافعي … أكتب عن ماضيك، مخاوفك وهواجسك، أكتب يومياتك وكن حاضرًا مع نفسك، لن أقنعك بفائدة ذلك محمد أبو زيد سيفعل لأن التدوين عادة العظماء.
تواصل مع أصدقاء طفولتك
لا تقل لي لم يبقوا، أو رحلوا إلى كاليفورنيا… تواصل معهم بأي وسيلة تواصل، وتحدثوا حول طفولتكم لا شك سيكون الحديث مسليًا ورائعًا.
حسنًا، هذا ما كان في جعبتي من أجلك اليوم، اختر من القائمة ما أعجبك واحتفل مع طفلك الداخلي، لأنك تستحق الفرح ولا تغرق في لوم اهلك وعائلتك عن الذي عشته في طفولتك، فهم قدّموا لك أفضل ما يستطيعون واحبوك بطريقتهم الخاصة.
شكرًا لأنك قرأت المقال لنهايته، شاركه مع من تحبّ وأخبره أنك تحبه، ودمت بودّ.